"أحمد محمود " أو " المُشكلة ".. طفل شقى جداً , عمره فى حدود الرابعه , بالمعنى الحرفى "مطلع عينى " فى الحضانه ,, يجلس فى مقعده غير مرتاح البال إلا إذا ضرب الطفل الجالس جواره أو بمحازاته , يبصق على من خلفه او جوارة او بمحازاته أيضاً , يجذب شعر زميلته , الخلاصه " مش بيرحم نفسه ومش بيقدر يمسك ايده ولا فمه طبعا!!" .. شكوى للأم مش نافع , " عيب ياأحمد الشطار مش بيعملوا كده " ولا فى الهوا ياليل .. " لو بقيت شاطر ومؤدب هتاخد حلاوه وهنسقفلك " ابقى قابلنى !!.
اتذكر فى كتاب " كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر فيهم" ان سبيلك لاقناع من أمامك أن تذكر له ما يحبه هو لا ما تحبه انت, فاستخدم وسائل الترغيب وكسب الود من الثناء الى الحلوى الى تلك الاشياء "العبيطه" - مع احمد طبعاً- , لا فائده ..
استخدم الترهيب المسموح به - من نفسى , ومن غيظى ! - من وقوف فى المكان , إلى الوقوف جوار السبوره ,إلى أخذ أعز ما عنده حقيبتة أضعها جوار الحائط وبعيداً عن متناوله, لتصبح وبقدرة قادر أمامه !! ..استخدم النظرات فالزفرات فالصمت الرهيب , عل وعسى ولا جدوى .
المشكله انه بشكل ما غير عدوانى , يضحك ويلعب بشكل عادى , لكن ببساطه هو طفل وحيد مدلل جداً وكل رغباته مجابه , وانا لدى مشكله فى التدليل "والدلع" الزائد عن حده ,ومع استفزازه وانتهاء الحيل التى اعرفها أضربه دون أسف .. وبالرغم انى من المعارضين اصلا لفكرة الضرب وخاصه الاطفال لم اجد حلا غيره مع القليل من "المسايسه " .. واصبحت مابين الترغيب والترهيب يأساً منهم ومنه
ثم فى الاسبوع الماضى ومع بداية التيرم الجديد تذكرت الأب الذى اعتذر لإبنه الصغير عن معاملته له ولكونه تناسى فارق العمر بينهم حتى أنه أى الأب يريد من طفله أن يتعلم فى سنواته القليله كل ما تعلمه الاب طوال عمره .. لذا قررت مع نفسى ان أضع فارق العمر بيننا وأن ما تعود عليه سى "أحمد " لن يتركه فى يومين او أسبوعين أو ثلاث شهور ربما , الأمر إذاً يحتاج للتدريج ..لذا نوعا قررت تنحية الضرب كحل أحادى , والبحث عن وسائل عقاب قد تجدى , وفى جراب الحاوى خاصتى بحثت عن ذلك ..
ثم وبعد الكثير من " مس بيضربنى , مس بيشد فى شعرى , مس بيزقنى ...الخ" .. فى الديسك الاخير وبمفرده كانت الطريقه المتاحه للتنفيذ , ليكون بشكل ما متجاهل أو منبوذ! ويداه بعيدتان عن رفاقه .. ثم حرمان من وقت الالعاب مع ترحيله إلى فصل اخر أيضاً فى ديسك منفصل- فى هذا الوقت -..
وسعدت جدا لان وقت أن قلت له " مش هتطلع معانا " - فى حصة الالعاب - بكى .. سعادتى لم تكن طبعا لكونى "بذله" , لكن نوعا لشعورى أن هناك جدوى من الأمر , وأن طريقة العقاب قد تؤتى ثمارها .. ثم بعد "العين الحمرا " أبدأ فى "المسايسه " لعل وعسى ..
مرحله المسايسه افترضت لها هذا الأسبوع , و بغض النظر انه ضرب البنت المقابله له , وبيلعب فى ملصقات الحائط , وطالع فوق الديسك واشياء رائعه أكثر , إلا ان حبل الصبر معه كان ممتداً .. وكان لانى تركت الفصل إلى فصل أكبر سناً , وحرمت من "أحمد " -والحمد لله- .
**
جلست يوما مع نفسى أفكر فى المرحله التى تخرج بالطلاب إلى حد كونهم وهم فى الاعداديه لا يجيدون القراءة والكتابه , ونزولاً وصلت إلى المرحلة الابتدائيه ,وكانت لدى رغبه خياليه أن أدرس لهذه الفئة, والان أعمل فى "روضة أطفال " لكونها "المتاح حالياً " .. وفكرت لماذا لا أبدأ من هنا حيث الأساس ..ولا أدعى ما لا أملك ,فشلت فى تنفيذ أى من خططى الخياليه التى قررتها , فلا أنا أنمى مهارات أطفالى ولا أغرس فيهم القيم والعادات الحسنه , ولا حتى أساعدهم فى أوقات مرحهم .. لدى اعتقاد داخلى أن روضه الاطفال عندنا خانقه , أن أجلس طفل ثلاث ساعات ليردد المنهج الموضوع له فى القراءة والحساب والانجليزى والقرآن , ثم لا أرفه عنه بالشكل المناسب فهذه مشكله .. لابد أن يكون منهجك مثمر حتى لا يستاء الأباء من كون طفلهم "رايح يلعب ومش بيتعلم زى ابن عمه فى حضانه كذا ".. الأهل يرغبون فى نتيجه فوريه وحاسمه , الحضانه هى تأهيل للمدرسه , لذا لا وقت نضيعه فى تنميه خياله والبحث عن شئ داخله عديم الجدوى فى سباق التفوق !!! .
مع "أحمد محمود " أشعر أنى مقصره معه, وأن هناك وسيله بالتأكيد لجعله مستأنساً بشكل مناسب , وبعيداً عن أسلوبى فى نهره عندما تضيق نفسى به وأود القاءه من أقرب منفذ ,إلا أنى فى قراره نفسى أعذر كونه طفل , وكونه تربى لأربع سنين على تصرفاته وأفعاله , وفى يوم وليله لن يتخلى عن حريته فى الخارج ليصبح شخص هادئ فقط لان معلمته تريد ذلك وامه تحسه على ذلك .. فى الكليه كانت نفسى تضيق من طول المحاضره , وأكره محاضرنا على إطالته الممله , لذا أقدر بشكل ما كون الاطفال لا يحبون الاطاله الممله , وبالتالى لا يحبون المكان الممل الا من الكارتون عند الانصراف , وبعض الالعاب .. ببساطه عندك بعض الحق يا "أحمد " , وللأطفال المشاغبين حق فى بحثهم عن بعض مما تركوه فى البيت والشارع وأفعالهم منطقيه بغض النظر عن شكلها وعن احتياج بعضها للتغير .. أما ردود أفعالنا نحن فهى أيضا تحتاج إلى تنقيه وحكمه , وبالطبع الأمر لا يقتصر على الروضه أو المدرسه فقط , لكن لينظر كل منا إلى أسلوبه مع أطفاله وطريقة تربيتهم وتعليمهم.