بقايا بقايا

السبت، مايو ٢٦، ٢٠٠٧

إشاعات إشاعات

بسم الله الرحمن الرحيم

كنت من أسبوعين أو يزيد استمع إلى عمتي وهى تحكى عن فتاه اختفت , ويقال أن السبب في اختفائها يعود إلى وجودها أمام الكمبيوتر إلى منتصف الليل .. والحديث عن الكمبيوتر والانترنت فى المناطق الريفية التي تستمع عاده إلى ما يقال عن مساوئ كلاهما تدعوا أحيانا إلى الضحك من سذاجتها .

صحيح ليست كلها ساذجة , لكن أكثر ما يزعجني أن يتحدث من لا يعلم شئ فى موضوع ما بلهجة الثقة والخبرة إلى إناس آخرين فيأتي هؤلاء الآخرين لأخباري أن ما نفعله خطأ كبير وجرم عظيم , وربما فساد فى الأرض ..

المهم لم أؤيد كلمات عمتي عن هذه الإشاعة وهمشت السبب بشكل كبير , فتاه ريفية تجلس في سايبر جل ما تفعله سيكون الشات , وفرضاً جدلاً تعلقت بشاب ما وقررت الهرب فلابد أولا من مقدمات تضمن حديثاً مع والدتها , تقدم الشاب , مشاكل فى الزواج , لكن الهرب خبط لزق بدون مقدمات ؟!, الحكاية منقوصة وغير منطقيه .. لذا أخبرتني عمتي بكل ما قيل في حق الفتاه المختفية .. " هي كانت واقفة مع أختها فى برندة البيت ,فلما راحت أختها تشترى حاجه من المحل المجاور , رجعت وملقتهاش " ..يسلام يسلام , لو منطقيا فرضنا أن هذا ما حدث , فهل ترحل دون متاع أو مال حتى لتعين نفسها إن قررت الهرب ؟.. " يقال أن والدها كان يعاملها بعنف ", سبب منطقي , لكن هربها يحتاج إلى بعض الترتيب , تقف مع أختها فى سلام ثم فجأة تقرر الهرب ؟!, الأولى أن تقرره فى ساعة غضب أو قسوة من أبيها مثلاً .

" يقال أنها خطفت من أمام البيت , وأن والدها مهدد بخطف بناته ان أبلغ الشرطة " يسلام !, سيترك الأب ابنته مختطفه من أشخاص لا يعلمهم حتى لا يخطف بقية أبنائه , يعنى نضحي بالأم والجنين عشان الأب يعيش ؟!!..
والحقيقة أنى أخبرت عمتي بثقة "الواضح أصلا إنها لا خطفت ولا هربت , مجرد إشاعة ولا ليها أصل ولا فصل , شوفي كام حكاية سمعتيها وكل واحده عكس التانيه خالص , تلاقيها فى مدينه جامعيه عشان فترة الامتحانات , والناس بتتسلى وخلاص ".

الحقيقة أنى لم أعد أصدق الكثير مما أسمع , ولم أعد أكترث بالإشاعات التى تخلط الحق بالباطل وفقط .. عندما أرى شيئاً بعيني سأعرف أنه حقيقة , كلام الصحف والتلفاز , أخبار هذا وذاك المغلوطة , لم تعد تثير الكثير فى نفسي غير انى أمنطقها وأحللها ثم أصدقها أو أتركها حسب ظروفها ..

أنا نفسي سمعت أنى قلت أشياء كنت أسمعها للمرة الأولى , وكنت أتعجب " يسلام أنا قلت كده , يحلاوه دا الواحد مشهور بقى ومش عارف " الأدهى أنى أسمع أشياء من إناس لم أعرفهم أصلاً ولا علاقة لي بهم نظراً لعلاقاتي الاجتماعية المحدودة نوعاً .. فكيف يا ترى أذاعوا عنى ما لا أعرفه عن نفسي - قدرات خاصة ومتفردة ما شاء الله - .

والأصل فى الاشاعه خبر ما ,أو خاطره تمر فى فكر شخص ما فيسر بها إلى غيره , وغيره دون قصد أو بقصد يزيد عليها بعض من تخيله , حتى تنتشر كالنار فى الهشيم بالتوابل والمخللات التي تعطى النكهة وتحسن الطعم .

أذكر من عامين تقريبا انتشرت إشاعة تلوث الماء فى محافظتنا , وانهالت المكالمات علينا فى الصباح تحذر من أن نسبة الكلور زادت فى الماء وأن هناك تسرب مواد سامه إليها أيضاً فحاذروا من استخدام الماء , وهرول من هرول لابتياع مياه معدنية , يومها أخبرتهم أننا شربنا الشاي والماء دون مشاكل و قبل أن ندرى, ومادام الأمر قد انتهى فلا بأس أن نستزيد من شرب الماء , فالفأس وقعت فى الرأس وانتهى الأمر .. وتأكدت من أنها اشاعه بعدما وجدت نفسي معافاة الحمد لله , ثم بعدها في التلفاز وفى مكالمة هاتفيه كذب المحافظ الخبر .. وفى الكلية كانت صديقتي تحكى ما حدث عندهم ونحن نضحك على تلك الاشاعه التي حرمت الكثير من ارواء عطشهم , وارتفاع أسعار المياه المعدنية , ثم بوفاة أشخاص وهميين من بلاد مجاوره , وكل بلد تروى عن وفاه فى بلد مجاور وهكذا , لتجد أن لا وفاه ولا مياه مسممه ولا يحزنون .

والحقيقة أن الإشاعات أصبحت لون قصصي مثير للاهتمام فى طريقة حبكه ونشره , ثم في طريقة استخدامه .. فمن إشاعة بتلوث الماء ارتفعت مبيعات شركات المياه المعدنية , ومن اشاعه عن دخول فتاه إلى مقهى انترنت واستخدامها للكمبيوتر فى منطقه دخلتها مقاهي الانترنت حديثاً أصبحت سيرتها علكه تلوكها الألسن .. وكم من مصائب تسترت خلف الاشاعه , وما خفى كان أعظم .

التسميات:


Posted by uogena :: ١١:٢٥ م :: 5 comments

Post a Comment

---------------oOo---------------
---------------oOo---------------