المهم لم أؤيد كلمات عمتي عن هذه الإشاعة وهمشت السبب بشكل كبير , فتاه ريفية تجلس في سايبر جل ما تفعله سيكون الشات , وفرضاً جدلاً تعلقت بشاب ما وقررت الهرب فلابد أولا من مقدمات تضمن حديثاً مع والدتها , تقدم الشاب , مشاكل فى الزواج , لكن الهرب خبط لزق بدون مقدمات ؟!, الحكاية منقوصة وغير منطقيه .. لذا أخبرتني عمتي بكل ما قيل في حق الفتاه المختفية .. " هي كانت واقفة مع أختها فى برندة البيت ,فلما راحت أختها تشترى حاجه من المحل المجاور , رجعت وملقتهاش " ..يسلام يسلام , لو منطقيا فرضنا أن هذا ما حدث , فهل ترحل دون متاع أو مال حتى لتعين نفسها إن قررت الهرب ؟.. " يقال أن والدها كان يعاملها بعنف ", سبب منطقي , لكن هربها يحتاج إلى بعض الترتيب , تقف مع أختها فى سلام ثم فجأة تقرر الهرب ؟!, الأولى أن تقرره فى ساعة غضب أو قسوة من أبيها مثلاً .
" يقال أنها خطفت من أمام البيت , وأن والدها مهدد بخطف بناته ان أبلغ الشرطة " يسلام !, سيترك الأب ابنته مختطفه من أشخاص لا يعلمهم حتى لا يخطف بقية أبنائه , يعنى نضحي بالأم والجنين عشان الأب يعيش ؟!!..
والحقيقة أنى أخبرت عمتي بثقة "الواضح أصلا إنها لا خطفت ولا هربت , مجرد إشاعة ولا ليها أصل ولا فصل , شوفي كام حكاية سمعتيها وكل واحده عكس التانيه خالص , تلاقيها فى مدينه جامعيه عشان فترة الامتحانات , والناس بتتسلى وخلاص ".
الحقيقة أنى لم أعد أصدق الكثير مما أسمع , ولم أعد أكترث بالإشاعات التى تخلط الحق بالباطل وفقط .. عندما أرى شيئاً بعيني سأعرف أنه حقيقة , كلام الصحف والتلفاز , أخبار هذا وذاك المغلوطة , لم تعد تثير الكثير فى نفسي غير انى أمنطقها وأحللها ثم أصدقها أو أتركها حسب ظروفها ..
أنا نفسي سمعت أنى قلت أشياء كنت أسمعها للمرة الأولى , وكنت أتعجب " يسلام أنا قلت كده , يحلاوه دا الواحد مشهور بقى ومش عارف " الأدهى أنى أسمع أشياء من إناس لم أعرفهم أصلاً ولا علاقة لي بهم نظراً لعلاقاتي الاجتماعية المحدودة نوعاً .. فكيف يا ترى أذاعوا عنى ما لا أعرفه عن نفسي - قدرات خاصة ومتفردة ما شاء الله - .
والأصل فى الاشاعه خبر ما ,أو خاطره تمر فى فكر شخص ما فيسر بها إلى غيره , وغيره دون قصد أو بقصد يزيد عليها بعض من تخيله , حتى تنتشر كالنار فى الهشيم بالتوابل والمخللات التي تعطى النكهة وتحسن الطعم .
أذكر من عامين تقريبا انتشرت إشاعة تلوث الماء فى محافظتنا , وانهالت المكالمات علينا فى الصباح تحذر من أن نسبة الكلور زادت فى الماء وأن هناك تسرب مواد سامه إليها أيضاً فحاذروا من استخدام الماء , وهرول من هرول لابتياع مياه معدنية , يومها أخبرتهم أننا شربنا الشاي والماء دون مشاكل و قبل أن ندرى, ومادام الأمر قد انتهى فلا بأس أن نستزيد من شرب الماء , فالفأس وقعت فى الرأس وانتهى الأمر .. وتأكدت من أنها اشاعه بعدما وجدت نفسي معافاة الحمد لله , ثم بعدها في التلفاز وفى مكالمة هاتفيه كذب المحافظ الخبر .. وفى الكلية كانت صديقتي تحكى ما حدث عندهم ونحن نضحك على تلك الاشاعه التي حرمت الكثير من ارواء عطشهم , وارتفاع أسعار المياه المعدنية , ثم بوفاة أشخاص وهميين من بلاد مجاوره , وكل بلد تروى عن وفاه فى بلد مجاور وهكذا , لتجد أن لا وفاه ولا مياه مسممه ولا يحزنون .
والحقيقة أن الإشاعات أصبحت لون قصصي مثير للاهتمام فى طريقة حبكه ونشره , ثم في طريقة استخدامه .. فمن إشاعة بتلوث الماء ارتفعت مبيعات شركات المياه المعدنية , ومن اشاعه عن دخول فتاه إلى مقهى انترنت واستخدامها للكمبيوتر فى منطقه دخلتها مقاهي الانترنت حديثاً أصبحت سيرتها علكه تلوكها الألسن .. وكم من مصائب تسترت خلف الاشاعه , وما خفى كان أعظم .
التسميات: المصطبه